«الضحى».. صلاة العائدين ووصية رسول الله


صلاة الضحى:

هي صلاة العائدين ونبراس التائبين، طريق المعذبين إلى الله، هي صلاة كغيرها من صلوات النوافل التي يتقرب بها العبد إلى أعتاب ربه تعالى جل شأنه، بدايتها ركعتين، ومتوسطها 4 ركعات، وأعلاها 12 ركعة، معروفة في الشريعة الإسلامية بكونها صلاة الأوابين، والأوابون هم : من تميزوا في طريقهم مع الله سبحانه وتعالى بكثرة الرجوع بعد الذنب، وكثرة التوبة بعد الانغماس في المعاصي والآثام.

وفي الحديث الذي رواه الإمام أحمد والترمذي والحاكم والبيهقي، عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: "كُلُّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءٌ، وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ".

 

  • حكمها ومتى أصليها وما ميقاتها:

 صلاتها تكون بعد أن ترتفع الشمس وتعلوا فوق رؤوس الأشهاد مقدار قدم، أي ما يعادل انتهاء ربع النهار الأول.

وفي حكمها يرى الفقهاء أنها من سنن الله سبحانه وتعالى المؤكدة، فيما يرى آخرون أن صلاة الضحى من المندوبات، فميقاتها معلوم وإذا خرج هذا الميقات فلا تُصلى في موعد آخر لارتباطها به.

ويستدل لصلاتها في ميقاتها بقول النبي صلى الله عليه وسلم :" فإذا صلاها قبل الظهر بساعة أو ساعتين هذا أفضل، وإن صلاها بعد ارتفاع الشمس كفى ذلك، وليس لها عدد محصور يصلي ما يسر الله له ثمان أو أكثر أو أقل".

 

  • فضائلها :

إن كل عمل يقربنا إلى الله سبحانه وتعالى سواء قول أو فعل أو تقرير فإنه يكون بمقابل من الحسنات، ورفع الدرجات، ولا ننكر أن ذكر النبي لصلاة الضحى والتأكيد  عليه، واختصاص ميقاتها بالقسم من الله تعالى في قوله :" والضحى" لعظم أجر الصلاة والعمل الصالح في هذا التوقيت، ولما لها من ثواب كبير يتفرد به المصلي لها والمهتم بها، ونبين من فضلها جمة وتفصيلا الآتي:

  • فضلها كفضل عمرة:

إنها الصلاة التي تساوي عمرة إلى بيت الله الحرام، والدليل على ذلك، ما ورد عن أبي أمامة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه و سلم- قال: "من خرج من بيته متطهرًا إلى صلاة مكتوبة فأجره كأجر الحاج المحرم ومن خرج إلى تسبيح الضحى لا ينصبه إلا إياه فأجره كأجر المعتمر وصلاة على إثر صلاة لا لغو بينهما كتاب في عليين".

 

  • عطية كبيرة من عطايا الله:

تعتبر هذه الصلاة عطية كبيرة من عطايا الله لعبده الأواب، ومنحة شأنها جليل من رب العباد سبحانه وتعالى، ولا خير في الاستدلال على ذلك من كلا سيد البشر صلى الله عليه وسلم :" ألا أدلكم على أقرب منهم مغزى وأكثر غنيمة وأوشك رجعة، من توضأ ثم غدا إلى المسجد لسبحة الضحى فهو أقرب منهم مغزى وأكثر غنيمة وأوشك رجعة".

تعوض غياب الصدقة:

لا يعتقد المسلم أن شيئا من أمور الدين والأفعال الصالحة قد يعوض الصدقة ومساعدة المحتاجين، ولكن صلاة الضحى عوضت هذا الأمر، فهي تعادل الكثير من الصدقات وتعتبر زكاة المسلم عن نعم الله له.

هي بالفعل صدقة عن كل مفصلٍ من مفاصل الجسد، أي أنها حسابيا ورقميا تعادل 365 يوما من التصدق وإخراج الأموال والصدقات في سبيل الله، وهذا ما أكدته الأدلة العقلية والنقلية، سواء كلام الله تعالى أو سنن رسوله صلوات ربي وسلامه عليه.

أما الدليل على ذلك من السنة، ما ورد في حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كَانَ رسولُ اللهِ – صلى الله عليه وسلم- يُصَلِّي الضُّحَى أرْبَعًا، وَيَزِيدُ مَا شَاءَ الله".

  • نصيحة رسول الله لمتبعيه:

ماذا قد يكون شعور المرء عند علمه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد نصحه بأمر على وجه الخصوص وقد ترك له ميراثا، فأي ميراث يعادل إرث رسول الله صلة الله عليه وسلم، فإرث الحبيب هو "صلاة الضحى" أفلا يكفيك هذا للحفاظ عليها.

وفي حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "أوصاني خليلي -صلى الله عليه وسلم- بثلاث: "صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام".

  • صلاة العائدين:

إخواني القراء إن الله سبحانه وتعالى ليفرح بالعبد فرحة كبيرة ليس لها مثيل عندما يعود إليه، عندما تتخبطه الأحزان والهموم وذلل المعاصي، فحينما يتوب يقبل الله عليه كما أقبل هو على الله، عن أنس عن النبي "ﷺ"  فيما يرويه عن ربه، قال: " إذا تقرب العبد إلي شبرًا تقربت إليه ذراعًا، وإذا تقرب إلي ذراعًا تقربت منه باعًا، وإذا أتاني يمشي أتيته هرولة"،  رواه البخاري.

وختاما، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "لا يحافِظُ علَى صلاةِ الضُّحى إلَّا أوَّابٌ قالَ وهي صلاةُ الأوَّابينَ".